جميلة ... ربما أجمل من حبيبته التى هجرته مع سبق الإصرار والترصد!
عندما وقعت عيناه عليها وهى تقف يبدو عليها القلق ...أهدابها الطويلة ترتعش بتوتر .. تنظر فى ساعتها بانتظام و كأنها تستعجل الزمن .
نعم ربما تكون على موعد هام ...لا انها تنتظر سائقها .. فملابسها تدل على رفاهية وثراء باديان .. اناقتها تدل على أصالة وعراقة ... أما ماترتديه من حلى فحدث ولاحرج! .. ربما يفوق كنز أمه المسكينة التى لم ترتديه خوفا من الحسد .. حتى انتقلت الى الرفيق الأعلى .. وتفرق دمه على الورثة!
هكذا ظن .. وبهذا حدثته نفسه!
تقدمت ناحيته ... قدها الممشوق كراقصات البالية يهتز مع النسيم ... الذى تدفعه ناحيتها العربات المسرعة!!
لا انها ليست راقصة بالية فمفاتنها الجليلة .. لا تنتمى الى فئة الجوعى ...!
تعلقت عيناه .بعينيها نظرت إليه نظرة غائمة .. ارسل لها نظرة تحمل رسالة حارة .. ( سيدتى الصغيرة الرائعة .. أبعث لك بساخن الأحاسيس .. وطازج الرغبات ..روحى ظمآنة قاحلة ... لكن صدرى مزدحم ببذور العشق .. التى تنتظر فرح الربيع ...فهل تشفق السيدة الغيمة وتهطل على أرضى المشتاقة .. كونى مائى .. ونمائى )
تفحصته .. بنظرات صاعدة هابطة .. فهابطة صاعدة .. توقفت عيناها على عينيه .. ألقت عليه نظرات ازدراء .. ومطت شفتيها واشاحت بوجهها ..
لا ليست من هذا الصنف ..الظواهر تدل على ذلك ... لا انها تقف لغرض نبيل .. ليس من المعقول و لا المنقول ..مومس ... لا و ألف ألف لا الكبت الجنسى يصيغ ظنك الردئ فى قالب غاية السوء !
ها هي الأقدار تبرهن لك على فساد طويتك .. الجحيم مأواك ..
سيارة صغيرة تقترب .. تتهادى .. بها شاب مفتول العضلات .. وسامته تظهر من بعيد .. يشير أليها لتركب ..
تنظر إليه غاضبة ... وتتقهقر إلى عمق الرصيف !
غاد بمخاطبة نفسه :ألم أقل لك .. أنها ليست من هذا الصنف .. انها بنت ناس ... انتابته سعادة غامرة .. عندما استقر يقينه على براءة الجميلة الصغير ة .. فبالرغم أن الحياة أعطته دروس قاسية تعلم منها ألا ينخدع بالمظاهر .. لكن احساسه دائما لا يخذله !
نعم .. هذه السيدة الرقيقة لو كانت فى زمن آخر لكان مستقرها فى خلوة .. أو دير ..و الآن ربما تكون مدرسة جامعية تعلم الآداب العالمية الراقـــــ.....
ماهذا ؟ تقترب سيارة فارهة .. هدفها .. السيدة الجميلة .. بهدوء وانسيابية تقف السيارة ..وبنفس السلاسة تقترب الجميلة بخطوات راقصة ..وتنظر الى راكب السيارة باغراء من الصنف المبتذل الرخيص ...
يهبط مسرعا .. يهتز كرشه وهو يهرول بسعادة غامرة ليفتح لها باب السيارة مرحبا ...الكهل السمين.. يخلع نظارته السوداء .. يمسك بيدها يرفعها الى شفتيه الغليظتين ...ويلثمهما بصوت مقزز ..
تركب السيارة باهمال لا تلتفت الى ثيابها التى انكشفت عن فخذها المرمرى وهى تـخذ مقعدها ..تغلق باب السيارة
.. تنظر اليه بسخرية .. وتلقى منديلا ورقيا كانت تحتفظ به فى يدها ..
يطير المنديل .. ويسقط على وجهه .. مخلفا رطوبة لزجة بين عينيه ...