كان البطالمة يهتمون بشئون الادارة الداخلية لمصر، وجمع الضرائب. ولما كان الفيضان السنوى للنيل له تأثير على أنواع المحاصيل الزراعية فى مصر، فكانت الضرائب تقدّر على أساس مستوى مياه الفيضان. كانت أداة القياس فى البداية أداة محمولة، تسمى مقياس النيل. كان عبارة عن عصا توضع طوليا فى مجرى النيل لقياس مستوى مياه الفيضان. وكانت غالباً عصا طويلة مدرجة من البوص.
من أجل الدقة فى تحديد الضرائب المفروضة، فقد إهتم البطالمة بتشييد المعابد على ضفاف النيل، وتزويدها بمقاييس على النيل. ويتكون مقياس النيل الخاص بجزيرة فيلة من سلم نقشت على جدرانه الداخلية قياسات الفيضان بالأذرع، كما نقش أيضا توقيت وزمن الفيضان. أما مصر فى العصر الرومانى، فقد أولى الحكام الرومان بعض العناية الى المبانى المتعلقة بالنيل التى شيدت فى عصور سابقة، وذلك للحصول على التقييم الحقيقى، فى حين أنهم لم يقوموا ببناء أى مبان جديدة.
حتى حكم الامبراطور قسطنطين، كان مقياس النيل المحمول يحُفظ فى معبد الرب سيرابيس. كان المصريون القدماء يدينون لسرابيس بالفيضان السنوى للنيل الذى يغطى بلادهم كل فترة. لقد اعتادوا أن يعيدوا المقياس المحمول الى معبد هذا الرب بعد كل قياس لارتفاع النيل.
صبغوا هذا الجزء بصبغة دينية وأطلقوا على المقياس المحمول اسم ذراع النيل. وفى ذلك الحين أمر قسطنطين أن يوضع هذا المقياس فى كنيسة الاسكندرية، فعمت الفوضى مصر وشاع بين الناس أن غضب سيرابيس لن يجعل النيل يرتفع هذا العام. ولكن على الرغم من ذلك فقد ارتفع النيل. وفيما بعد، أمر الإمبراطور جوليان بإعادة المقياس مرة أخرى لمعبد سيرابيس. وبقى هناك حتى عهد الإمبراطور ثيوديسيوس الأول الذى أمر بتدمير المعبد بالكامل.